سندريلا مرة أخرى

اليوم : الثلثاء  
الساعة : 12:20 ص
بهو فندق فارغ إلا من موظف الاستقبال المنشغل بهاتفه ، هدوء تام يلف المكان ، ثوان ثم يفتح المصعد لتخرج
” سندريلا ” تمسك بيديها صغيرتيها ، تبدو طقطقة الكعب الأسود عالية بسبب ذلك الهدوء ” يارب محد يسمع ” توشوش لنفسها وتقارب الخطوات لا فائدة لم لا يوجد كعب صامت أكيد أنه ممكن فالأسحلة أصبحت صامته فهذا أيسر من باب المنطق ، الحل أن اسحب قدمي ولا أرفعها ، لا سأتأخر سأركض وأقطع هذه الأمتار الثلاثة بسرعة و بأقل ازعاج ..
في الشارع على الرصيف الملاصق للفندق تسأل الصغيرة : ماما وين سيارتنا ؟!
لتعقب أختها : شلون بنروح العرس ؟!

نعود لوقت أبكر ذاك المساء ..
الساعة الآن : السابعة والنصف مساء ً

ملابس الذهاب للفندق

تلعب الصغيرتان في زاوية ما و أنا أسرح شعر والدتي و أقاوم الحرارة التي تلذع باطن كفي لتخبرني والدتي أن كفى وأصر ّ على الإكمال ، بعدها قررت الاستحمام واستغلال رفاهية الفندق _ اتضح أنه شقة فندقية لأن حتى الغسالة والكواية موجودة ومطبخ وقدور شي كيوت و حلو _ لم يكن الاستحمام ممتع بقدر ما تخيلت فالدش يصب بطرقة مزعجة لدرجة اني لم اسيطر ودخل الشامبو كله في عيناي وخرجت بعيون حمراء متورمة كمن قضت ليلة في البكاء ، ارتديت رداء أزرق قطني وسروال طويل لأن التكييف كان بارد جدا ولم تفلح محاولاتنا باطفاءه ولففت شعري بفوطتهم البيضاء العملاقة لاسارع بتجفيفه بعد ربع ساعة ، ذهبت أختي للصالون وعادت و بعدها وصلتنا أخبار قدوم عمتي وابنتها و نزولهم في نفس الفندق ، ارسلت تسألني ان كنت احضرت الاستشوار فرردت بنعم فقط تعالي وسأدللك بالفعل أتت ابنتها وبدأت بتسريح شعرها ثم لحقتها عمتي لم اسرحه لكن فقط قصصت أطرافه .
في تمام التاسعة والربع خرجت أختي ووالدتي لحضور الزفاف و كذا تركتنا عمتي وابنتها للذهاب لارتداء ثيابهم ، التاسعة والنصف أنا والصغيرتين و خادمتنا جوسي ، جوعى ونشعر بالملل اتصلت على والدي لأرى أين اصبح كنت قد أوصيته على عشاء من المطعم فأخبرني انه في الطريق ، لم يصل إلا في الساعة العاشرة إلا ربع تناولنا العشاء ثم غيرت ملابس البنات لارتداء بجامة الأرنب التي ينتظرونها بفارغ الصبر فمنذ اشتريتها أخبرتهم انها لليلة الفندق ، جلسنا سويعة اقترحت على والدي أن اعد لنا شاي بالحليب رحب بالفكرة لكن من سيحضر الحليب ؟ كان قد ارتدى ثوبه النوم _ المقلم _ أخبرته بثقة ”  أنا بآخذ البنات وأجيبه ” _ طارت بوهته شوي _ ” لا تخاف ناراح أطلع من الفندق تحت ثلاجة حلويات بالريالات وحاطين حليب المراعي معاهم ” خرجنا والبنات يركض في الأروقة متجهين للثلاجة ..
– ماما خنآخذ جلكسي
– لا أنا قلت ماراح نآخذ حلويات اشترينا يوم وصلنا
– أجل شنو تبغين
– حليب بس
– ليش ؟
– عشان اسوي شاي حليب
تفقز شهده لتعلن لكل من يسمعنا ” بنشتري شاي وحليب هيه هيه بنشتري شاي وحليب “
عدنا ادراجنا وبدأت بغسل العدة والعتاد ، قدر استيل و كوبين ، بعد ان شربناه أعلن أبي استسلامه ودخل لغرفته وأنا كذلك بيد أني استلقيت بجوار الفتاتين وهما تلعبان بهدوء أما جوسي فقد خلدت للنوم منذ مدة ..امسكت هاتفي و كتبت :

تستلقي سندريلا برداء أزرق قطني و شعر مسرح على أريكة ذات رائحة كريهة في فندق خمس نجوم ، تتابع بصمت لعب الصغيرتين بالباربي و تحاول ألا تندم على تفويتها لحضور زفاف بنت عمتها ..
تعيد سرد الأسباب لتقنع نفسها : ” ما استشورت شعري بذمة وضمير ، و احتاج اتمكيج ونسيت كريم جونسن ، و البنات ماناموا ولا حتى نعسوا ، وأبوي شكله داخ قايم من الفجر شلون أقوله امسكهم بروح اسهر بالحفلة “
يقطع حبل أفكارها مغص في بطنها ، علاوة على كل ذلك النفسية والوضع الصحي لا يسمح ، كل الظروف تقول لا تذهبي فلم لا زلتِ متشبثتة في قشة وسط الأمواج !!
مرّ عام منذ آخر حفلة حضرتها و الوعود التي قطعتها بالاعتزال لكن هذه بنت عمتي ، كان ينبغي أن احرص أكثر لخاطر عمتي ، يعاتبني فستاني الأحمر ” عجوز كسولة ، هيا  انفضي عنك الأعذار و استغلي السويعات الأخيرة “
لا جدوى زُفّت العروسة ولم يبق شيء على انتهاء المراسم لن أدخل متأخرة لقاعة خالية فهذا سيحطمني أكثر

قبل أن أكمل اتصلت أختي في تمام الساعة ١١ واربعون دقيقة :
– تعالي الحين والله وناسة بيفوتك
– والبنات ؟!
– شدعوه خليهم يمسكهم ابوي شوي
– أبوي دخل تو بينام
– طيب جوسي تطالعهم ؟!
– أقولك نامت والله ماراح تحس فيهم طلعوا والا دخلوا
– طيب مع السلامة “
أمسكت جوالي لأقلب في تويتر بحثا ً عما يشغلني لتعيد الاتصال بعد دقيقتين :
أمل تقولك عادي جيبي البنات وتعالي الناس قاعد يتعشون ويطلعون والعروس خلاص زفّوها
اغلقته منها واتصلت بأمي أتأكد من الوضع وهل فعلا ً يستحق القدوم ؟! أكدت أمي أنه يستحق وأنه يجب أن آتي لخاطر عمتي على الأقل ..
حسنا ً اتخذت قراري الساعة الآن ١١ و ٤٥ دقيقة ناديت بحماس ” شهد ..هند قوموا اغير لكم بنروح العرس “
بأسرع ما يمكن انتهينا من طقوس الحمام ثم ألبستهم فساتين العيد المشجرة مع جاكيت صوف رمادي ألقيت نظرة من بعيد ” لا مو حلو يا أسماء صاير مرقع ” خلعته بسرعة و بحثت في الشنطة لأجد فساتينهم المخمل اللامعة وردي و كحلي و هيلاهوب شتوي الآن يبدو كل شيء متناسق الساعة ١٢ وخمس دقائق اسرعت لارتداء فستاني الأحمر ..الحزام و الكعب الأسود ، لحظة أين الحُلي ؟! لاشيء سوى سوار ذهب خفيف يلف معصمي أحاول ألا أخلعه أبدا ً بحثت في حقيبتي لأجد ساعتي الذهبية ، حسنا ً تكفي لن أكون متطلبة ، بقي شمسي المشرقة أسرعت للاستشوار ثم السترير فقط الخصل الأمامية ورفعته بوردات شهد الحمراء ، روج غامق و ظل بني وكحل أسود وصلى الله وبارك ، ارتديت عبائتي وامسكت بيد الصغيرتين وانطلقت لحضور ما تبقى من زفاف سارة .

الساعة الآن 12:20 ص
أجيب تساؤل البنات :
– بنروح مشي مو سيارة  هذا العرس قريب بس محد يفلت ايدي طيب
– عشان ما تدعمنا السيارات صح ماما ؟
– بسم الله علينا ، ايه صح
عندما اقتربنا اتصلت بأختي لتستقبلني فخرجت أمي عوضا عنها ، ووصلنا بسلام ولله الحمد رغم حضورنا متأخرين إلا أنه كان زفاف رائع بل أكثر من رائع ، الطقاقة _ المطربة _ كانت حماسية وكذا الحضور فلم يتوقف الرقص والغناء حتى الثانية فجرا ً ، و كانت لنا أشواط بالمسميات و الألقاب دفعتنا جميعا ً نحو تلك المنصة .

الآنستان تراقبان البط في وادي نمار


تبدو الرياض اليوم حلوة و دافئة ، يالله كيف يعيد الرضا للأشياء ألوانها و نكهتها الحقيقية .

فيارب نسألك رضا دائم و حياة هانئة ونعيم لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع و  القارئين والمسلمين أجمعين .. آمين

بطات الوادي الحلوات

سندريلا المزيفة

لا أحد يخبرنا كيف قضت سندريلا بقية حياتها ، هل ظلت تسابق الوقت؟ وماذا كانت تعني لها الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل ؟

يوم الجمعة الفائت كنت أشعر أني سندريلا بنسختها المُقلّدة 😂 ، كان حفل زفاف ابن عمي ، ولست أُدعى لاحتفالات كثيرة لست أُدعى إلا لزفاف الأقارب من الدرجة الأولى كابن عم أو ابنة عمة وهكذا ولا أدري مالسبب أهو جهل بي ؟! أم لأني البنت الثانية ؟! ولكن لو فكرنا فحتى أختي لا تنال حظاً من تلك الدعوات 😩

ونظرا ً لحالة التقشف هذه فدائما ً ما يراودني شعور بأهمية الحضور وتلبية الدعوة ، لكن سندريلا هذه المرة معها طفلتين فكيف ستستطيع الهرب والعودة لهما في وقت قياسي ؟!!

السائد فيمن حولنا أن أم الأطفال لا تحضر الا متأخرة بعد انتهاء زفاف الرجال يعود زوجها للمرابطة مع أطفالهم وتخرج هي بقلب مطمئن ، أما أنا فكان الوضع أصعب فأبي مسافر وأخي الأصغر يدرس بعيداً والأقرب خرج في رحلة بحرية..وأخي الأكبر لا أعلم أينه 😢

المهم لم أفكر كثيرا ً و تركت الأمور تأخذ مجراها ولله الحمد مرّت على خير ، خرجت أمي وأختي منذ الثامنة والنصف مع السائق وبقيت مع صغيراتي محاولة صرف الطاقة واللعب والركض معهن لاستجلاب النعاس 😂🤭

ثم طبخت بعض المكرونة التي رفضن تناولها فعرضت لهن بعض الايسكريم علّه يدخل جوفهن لقمة ما 🤦🏻‍♀️

واستمر وضعنا باضاعة الوقت حتى الساعة العاشرة والنصف ( قمت بتجعيد شعري بالفير قرابة الساعة التاسعة والنصف) وبدأت شهده بالتثاؤب ففرحت وبدأنا بممارسة طقوس النوم وبقيت أختها مع الخادمة .. وعندما بدأت تغفو أسرعت لوضع المكياج عندما انتهيت كانت الساعة الحادية عشر و ربع وهممت بالنزول فاكتشفت أني متجردة من أي قطعة حُلي ؟!!

فعدت سريعاً وارتديت سلسال و حلق ” طقم ” وساعة ذهبية كانت تبدو لائقة لفستاني الأحمر العنابي مع حذاء أسود وحقيبة سوداء قديمة بعض الشيء ، في ذلك الوقت كان شعري قد انتفش ولم يكن هناك وقت كافي لاعادة تصفيفه فهونّت على نفس الأمر بمقولة ( الزين ما يكمل ) 😂😂

و تيسرت المواصلات فقد جائني أخي الأكبر بالوقت المناسب أما أخي الآخر فقد عاد منهكا ً من رحلة الصيظ واستقر في البيت فشعرت براحة لبقاءه مع صغيراتي الناعسات ، وصلت قبيل زفة العروس لكن القاعة كانت مقفلة لا أعلم أين اختفى الحارس 🤦🏻‍♀️ بقيت هناك ٧ دقائق نطرق الأبواب ..تخيلوا معي سندريلا تصل متأخرة وقد أقفل القصر أبوابه 💔😢

خرجت إحدى السيدات فركضت باتجاهها بشكل مضحك لئلا تغلق الباب خلفها 😅

دخلت على نهاية الزفة لكن المهم أني وصلت 😎 بقينا قرابة الساعة والنصف ثم عدنا لبيتنا سالمين بحمد الله 💕

هكذا أمضت سندريلا ليلتها في محاولة للتسلل من صغيراتها وحضور زفاف ابن عمها 😌❤

هامش :

حاولي دائماً الاحتفاظ بقطعة علك معك ستفيدك في حالة الأزمات ، بالطبع فان مضغها سيقلل التوتر لكن ليس هذا ما أقصده ، فبعد تناول العشاء نهضت للمغاسل وسمعت صوتاً غريبا ً قادما ً من حذائي فإذا بها القطعة الذهبية التي تزينه فخبأتها بحقيبتي وانتهيت من تعديل زينتي ..مكثت أفكر لثواني ماذا أفعل ؟!

هل أزيلها من الفردة الثانية أم ماذا ؟ فكّري يا أسماء فكّري !!

فتذكرت شيئا ً كنت قد شاهدته على التلفاز بأحد الأفلام كيف أصلحت حذائها بقطعة علك ممضوغة ، ركضت باتجاه أواني العلك والبولو فإذا بها فارغة من أي حبة 😩

عدت وسألت إلى أن وجدت ضالتي وبالفعل مضغتها وألصقت القطعة الذهبية ..لذا عزيزتي لاتخلو حقيبتك من ثلاثة أشياء مهمة :

( مناديل – أبره و بكرة خيط – علك )

لعلّي أسميها بالعطارة التي تصلح ما أفسد الدهر 😂😂

دمتم بخير وصحة وعافية ❤