ما جدوى الذكريات ؟

مالجدوى من الاحتفاظ بالذكريات ؟ وأقصد بذا حفظها ماديا ً صور و مقتنيات من أماكن معينة ، منديل لمطعم نذهب إليه للمرة الأولى معا ً ، وردة مجففة من مسكة عروس كنت لا أتفق معها ، منديل معطر من مطعم آخر ، قرطاسة حلوى أعجبتني .. والقائمة تطول .
أنا شخص يحب الذكريات و يحب الكتابة ولذا فطريقتي المثلى هي أن أكتب ما حدث وكيف و أين ومتى ومع من وماذا أرتدي وكيف أجلس أثناء التدوين وتفاصيل سخيفة لا تهم فعلا ً !

حسناً لم كل هذا ؟! لقد وصلت غرفتي الجديدة في أواخر رمضان ولم أحظى بوقت كاف ٍ لترتيبها والحق أني لا أريد الاستعجال وأريد التخلص من كل ما لا أحتاجه ، بالضبط مرحلة التخفف والبدء من جديد و من أهم قطع الأثاث التي وصلت مكتبة متواضة صغيرة بأبواب عليها أقفال حيث أن أقفال ايكيا البلاستيكية لم تعد تكفي الحاجة المهم أن أنقاض مكتبتي الأولى وخليط تلك الأشياء كان تراكمات سنين فقررت أن لا أعيدها دون جولة تفقدية وجردية لما تحويه خاصة المذكرات واليوميات و الملفات الشفافة بقصاصاتها و أغراضها ..
أكتب يومياتي منذ الطفولة ربما كنت أبلغ الثانية عشر وكنت أحرص ألا أكتب إلا الأيام السعيدة لئلا أحزن كلما قرأتها مستقبلاً وكم كان قرارا ً حكيما ً لم التزم به ، فبعد اتمام المتوسطة تغيرت الكتابات والفضفضة لم تعد أمي تملك الوقت لسماعي و أختي تتذمر و وقت الفسحة لا يكفي للثرثرة مع صديقاتي فكنت أحكي للدفاتر تماما ً كما نرى بالتلفاز أبدأ هكذا ( مذكراتي العزيزة اليوم …) لا يسمح لأحد بالاطلاع على ما أكتب وكثيرا ً ما كنت أكتب السباب والشتائم في مقدمة الدفاتر تحذيراً ووعيدا ً لمن يتجرأ على التطفل ) وفي أحد الدفاتر كتبت ( اللي يقراه بدون استأذان هو حمار ) فحصلت على ضربة مفاجئة من أخي الأكبر أتخيل أنا مادار بيننا شيء يشبه التالي :
– ليه تقولين علي حمار
– ما قلت أنت حمار قلت اللي يقراه
– ايه وأنا قريته
– محد قالك تقراه ياملقوف ولعلي  بعدها حصلت على ضربة أخرى ..
بعدها غيرت الديباجة وبدأت اضع الاستثناءات ،( اللي يقراها بدون استئذان هو حمار ماعدا أمي وأبوي وفلان وفلان ) وأخص بالذكر أخويّ الأكبر سنا ..
المهم مضت السنون وأسماء تكتب وتحب أن تكتب أشياءا ً ذات معنى أو بدون فائدة كنت ولازلت أظنها أكثر ما أجيده فلست طاهية ماهرة و خبيرة مكياج ولا رسم ولا خياطة ولا أي مهارة أخرى اذا الكتابة هي ما يناسبني .. وعليه عاهدت نفسي أن أكتب دائما ً ..أتوقف لأيام ..أشهر ثم أعود ..بعد زواجي شاركته ما أحب وقرأت عليه بضعة صفحات من مذكراتي وقتها كنت عروس جديدة لم يمض على زفافنا سوى شهرين أو ثلاث وكانت الصفحات مختلفة بعضها في قمة سعادتي وبعضها في قمة قلقي وحيرتي .. تفاجأت من ردة فعله لم يبدي أي حماسة أو تشجيع أو أي ردة فعل تجبر الخاطر بل على العكس أرادني ان اتعهد له ألا أكتب مجدداً !!
لم أذكره بسوء لكني كنت حزينة في أحد الصفحات وقال أنه ينبغي ألا أكتب أشياء كهذه لئلا يقرأها أحد ويظن سوءا ؟! يخاف على نفسه من التهمة هذا ما أهمه ولم يكتف بهذا بل أذكر أنه طلبني بكل تودد أن امزق ما كتبت وألا أكتب مرة أخرى !
كنت مصدومة ومدهوشة وبدء بلعبة المشاعر ولوكنت تحبيني لما فكرت ولو كنت كذا لأطعتني ..
لم أحلف له وأخبرته اني لا أقدر لكن سأحاول ، قطعت الأوراق أمامه ورميتها و أخذ الدفتر من يدي ورماه في أحد الأدراج وعلق ( كذا أحسن ) ، جاهدت نفسي شهرا ً كاملاً ثم عدت لأكتب لأتنفس وأحاول الصمود وكنت أخبئه عنه في دولاب الملابس تحت كومة الملابس الداخلية أو في فوضى أوراق المدرسة لئلا يلمحه فيعيد اللوم والخصام ، الآن تمر علي صفحات وقصاصات من تلك الفترة و تتضح لي المشاعر والتحمل في تلك الفترة وكم كانت عصيبة وأسأل نفسي ” كل هذا يا أسماء ولم تضعي احتمالية الانفصال ولو ١% !! ” كانت معظمها تنتهي برجاءات لله بالعون و الانقاذ و أتفكر الآن لعله استجاب سبحانه ورحم حالي عن مرارة تلك الأيام ..
ولم هذه التدوينة ؟ لأني قبل قليل أتصفح احدى مذكرات الثانوية وسقطت منها أوراق مطوية وعندما فتحتها كانت كرسالة طويلة كنت سأعطيها له لا أعلم متى ، كتبت في أحدها متسائلة ( لما سألتك أنت بالبيت قلت “مالك دخل” واستغربت ليش ترد علي كذا وعقبها رديت وقلت الله يعيني رجعت سألتك ” أنت مغصوب ؟ “رددت أيضا ً ” مالك دخل ” )
هذه الأوراق قلبت الكثير من الذكرى والمشاعر والتحمل كانت الاشارات كلها واضحة بعد عقد القرآن وقبل الزواج فلم كنت أتجاهلها ، أهو غباء أم استغباء والله لا أعلم .
قبل ليالي وجدت جوالي القديم فقمت بشحنه لأتصفح صور طفولة ابن أخي ، أيضا ً وجدت به كما هائل من الذكريات والشكوى والتصبر.. ليلتها لم استطع النوم شكوت من آلام غريبة في صدري و في الصباح أخبرت أمي بأرقي وآلام صدري فأرجعت السبب أن يكون نفسيا ً من القهر على حد قولها من الذكريات المؤلمة ..

سأحاول أن أتشجع وأرمي واتخلص مما أظنه ذكريات ولن أحتفظ إلا بالقليل باذن الله ..

طابت أيامكم وفي أمان الله 💕

5 أفكار على ”ما جدوى الذكريات ؟

  1. شكرًا على التدوينة أسماء، كل فقرة بها تحمل شعورًا مختلفًا.
    أرجو لكِ الراحة من كل الذكريات المؤلمة، وأن تزدحم أيامك بالذكريات الجميلة السعيدة🌸

    Liked by 1 person

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s